الأحد، 9 سبتمبر 2018

تحطمت كأسك... فاتعظ من شظاياها



قبل كتابة هذا النص كسرت كأساً كبيرة "Mug"... حدث ذلك وأنا في طريقي لملئه بالماء، كنت أشعر بعطشٍ شديد حملت الكأس الشفافة من يدها واتجهت إلى المطبخ لأملأها ماءً بارداً يروي عطشاً اشتد فشتت تركيزي عن حلقة من مسلسل أتابعه، لكن ما حدث معي بعدها دفعني لكتابته!
 دخلت المطبخ ولا أدري للآن لمَ وكيف انزلقت الكأس الثقيلة من يدي وطرااااااخ اصطدمت بالأرض، أصبحت بثوانٍ ركاماً مفتتاً أمامي سبحت شظاياه إلى كل زوايا المطبخ وتسللت تحت كل جسم فيه، تأملت الكومة البلورية المتبقية من الكاس كانت جميلة لكنها مخادعةٌ وجارحة، "يا حسرة ذهبت الكاسة" قلت في نفسي!  ثم بسرعة بدأت بالتنظيف قبل أن أطردَ من المنزل، أحضرت المكنسة العادية والمكنسة الكهربائية وبدأت العمل، كنست الأرض، نفضت البساط الصغير على أرضيته، غزوت الزوايا ورفعت كل ما خفّ وزنه عن الأرض لأزيل آثارها، وحسب ما ظهر لي لم يتبق إلا تحت الثلاجة والغسالة، وقد بذلت قصارى جهدي لأخرج ما استطعت منه عبر الشق الرفيع جداً تحتهما بكل وسيلة، لكن تبقى تحتهما فتاتٌ حاد لم تطله يداي، ولكن الطامة كانت حينما خرجت من المطبخ لأجد القطع متناثرة خارجه في زوايا الغرفة المجاورة ولولا الصدفة التي أخذتني إلى إحدى الزوايا لما عرفت بوجود الفتات هناك؛ إلا إن فاجأتني أو فاجأت أحدهم وجرحته كما هي عادة المتواري من شظايا الزجاج، فعدت للتنظيف من جديد.
وأنا أنظف هبطت عليَّ الحكمة، قلت لنفسي: في كل مرة يتحطم بها وعاءٌ زجاجي، تمتد شظاياه غالباً إلى أبعد بكثير مما نتوقع، وقد لا نستطيع اكتشاف الشارد منها إلا بعد زمن، وقد لا يتحقق ذلك إلا إن آذتنا أو جرحت أحدهم، تماماً كأحلامنا البراقة، تلك الأحلام التي نسعى لتحقيقها وكأنها مسلمات محققة، نحن نعلم في بواطن أنفسنا أن تحطمها بالفشل واردٌ بطبيعة الحال، لكن الشغف للوصول لغايتنا يجعل ذلك التحطم رغم احتماليته اذا وقع صادماً لنا، يمتد تأثيره خلسةً إلى مواضع رمادية أو بعيدة في أنفسنا، قد لا نبصرها أو نتجاهلها، وقد تؤذينا أو تدفعنا لإيذاء غيرنا من حيث لا ندري، الصدمات المفاجئة والانكسارت الكبرى، تدفعنا للمكابرة أحياناً وادعاء الشفاء قبل تحققه لنخفف عبء المعاناة عنا، بل قد تدفعنا لاتخاذ قرارات وأحكامٍ نظنها سليمة لإصلاح ما كسر وترميم ما تركته من شقوق في جوارحنا، لكنها أيضاً قد تأخذ مفعولاً عكسياً يهدم أكثر مما يعمر، وقد تدفعنا للسير بوعي أو دون وعي في دروب نتوسم في نهاياتها الفلاح والسداد فيما يكون ما نتوسمه وهماً لأن فتات الإنكسار قد يشك أقدامنا بعدما اخترنا التعامي عنه مكابرةً بدعوى القوة فقط مع تنحية الحكمة جانباً !
المهم أنني أفقت على نفسي بعد أن أنهيت التنظيف مدهوشة مما أخذتني إليه حكمة خيالي، إيييييييه فعلاً قلة الشغل بتعلم التطريز، وتكنيس القزاز المكسر بعلم الحكمة وأكثر! 
صورة تعبيرية 


هناك 5 تعليقات:

  1. تحياتي استاذة تقى
    وددت لو اتواصل معك بيسر ..حيث ارغب بالحديث معك حول ورقتك البحثية في جامعة بير زيت ..حول قرية قالونيا
    (بين الصمود والسقوط).فإن اذنت لي اريد ان ترسلي صفحة حسابك على الفيس او عنوانك الالكتروني
    انا خالد سعيد من قرية قالونيا
    كل الاحترام لك

    ردحذف
    الردود
    1. أهلا، أسعد بذلك
      بريدي الإلكتروني: tuqahannoon@gmail.com
      عنوان الفيسبوك: https://www.facebook.com/tuqa.hannoon.7

      حذف
  2. https://web.facebook.com/kkalllonia

    ردحذف
  3. قبل البحث بالنتائج كان يجب عليكي التعمق والتحري اكثر في السبب ... في كل مرة تسقط فيها كاسة الزجاج على الارض يكون الناتج معروف بنسبة ٩٠٪؜ وهي ان تتحطم الكاسة وتتناثر شظاياها في جميع انحاء الموقع ... تلك النتيجه كانت متوقعه مهما كان الضرر ... لكن يجب النظر الى السبب؛ لان السبب هو محور الحدث ... على سبيل المثال ما يحدث عندنا في فلسطين ... الناتج معروف ... لكن السبب البسوه الكثير من الوجوه لكي يصعب علينا معرفة الحقيقة .
    وحال شعبنا يقول كل يوم نتكسر لكن لا نتعظ من شظايا الانكسار لاننا تركنا السبب خلفنا واتجهنا الى التأقلم ومداعبة تلك الشظايا
    والسلام ختام

    ردحذف
  4. ومن قال أن التفكير بالنتائج يمنعنا عن التفكير في الأسباب بالضرورة؟؟ أنا لم أقل ذلك، ولا أظن نصي يوحي به، إنما كتبت فقط خاطرة استوحيتها من الشظايا البلورية التي تناثرت أمامي وقضيت زمناً في جمعها للتخلص منها (ولم أداعبها)، فخرج هذا النص، هو وصف لحالة أسقطتها على الحياة، وما ذكرتَه أنت رؤية أخرى باستطاعتك كتابتها خاطرة لو حدث معك الموقف، أما سبب انزلاقها من يدي فهو الغفلة غالباً، وبالتأكيد لا أغفل وأنا أحمل كأساً كل يوم :) أما عن قضية فلسطين ونظيراتها فلا ريب في ضرورة التحري عن أسبابها والتعمق في نتائجها، وعليك السلام

    ردحذف